مقاربة لبعض مشاكل التعليم

أحدث المنشورات

الخبز المؤجّل: حين يتحوّل الصبر إلى سياسة
bread
الخبز المؤجّل: حين يتحوّل الصبر إلى سياسة
هذا ليس نصّا سياسّيّا، إنما هو محاولة لفهم كيف تتحوّل المعيشة إلى معنى، وكيف يُدار الصبر بوصفه لغة الحياة....
التفاصيل
الطبقية الوظيفية في سوريا... رواتب تُقسّم لا توحّد
classified
الطبقية الوظيفية في سوريا... رواتب تُقسّم لا توحّد
لم يكن الصحفي المقرّب من سلطة الأمر الواقع يدرك أن جملته العابرة خلال ظهوره على شاشة “الإخبارية السورية”...
التفاصيل
تفكيك الرعب: الدوام السريّ للسوريّ في شركة الخوف
terror
تفكيك الرعب: الدوام السريّ للسوريّ في شركة الخوف
لا يبدأ السوريّ يومه بقهوة، أو نشرة أخبار، أو الاستماع إلى فيروز، وإنما بتفحّص غير واع لمستوى الخوف المحيط...
التفاصيل
صرخة من وراء القضبان: آلاف المجندين السوريين بين الاعتقال والإخفاء القسري
prison
صرخة من وراء القضبان: آلاف المجندين السوريين بين الاعتقال والإخفاء القسري
في عمق السجون السورية تختنق أصوات آلاف المعتقلين، بعيدًا عن ضوء الشمس ودفء الحياة. أصواتٌ غُيّبت قسرًا...
التفاصيل
بيان صادر عن لجنة الأسرة والمجتمع في الكتلة الوطنية السورية
BAYAN
بيان صادر عن لجنة الأسرة والمجتمع في الكتلة الوطنية السورية
بيان صادر عن لجنة الأسرة والمجتمع في الكتلة الوطنية السورية حول نتائجَ ما سُمِّيَ «لجنة التحقيق في حالات...
التفاصيل

التصنيفات

كلمات مفتاحية

اقتراحات لحلول

مقدمة

تتبنّى مناهجنا التلقين والحفظ. وتخضع المناهج لسيطرة السلطة الحاكمة، فتعتمد على معلومات قديمة لا تتواكب مع التطورات العالمية، ويعتمد التقييم على سَبْر مهارة الحفظ وامتحانات آخر العام! أيستطيع طلبتُنا، والحال هذه، توظيف معلوماتهم بعد التخرّج بشكل مفيد؟ أنريد إقناع طلبتنا بأنّ الأهم هو الحصول على الشهادة فقط؟ أنريد للكفاءات الهجرة؟ ما يتمّ اليوم من وضع مناهج كثيفة تلقينية ومن رفع للمعدّلات وغشّ في الامتحانات، كل ذلك هو ضمن السياسة التجهيلية!

لقد وصلت سياسة الاستيعاب الخاطئة، في الجامعات السورية، إلى حائط مسدود، فبدأت وزارة التعليم العالي برفع معدّلات القبول! وتمّ استحداث الجامعات الخاصة الباهظة إضافة للتعليم الموازي! أنريد جعل الدراسة الجامعية فقط لمن يملك المال؟!

لن تقوم نهضة في بلدنا إلا بالاستثمار الحقيقي في التربية والتعليم وفي حفظ كرامة المعلّم بحياة كريمة وكفاية مادية تُغنيه عن عمل آخر غير مهنة التعليم، وكذلك في الحفاظ على العقول النيّرة وتشجيعها على التفكير وإعمال العقل والبحث والنقد البنّاء، لا طردها كي تبدع في الخارج.

في ما يلي، سنورد بعض الاقتراحات التي نعتقد أنها مفيدة، في ما يتعلّق بالمعلّم وببعض المناهج وبتعزيز المواطنة من خلال التعليم.

المعلّم والمناهج

  • بدلاً من تدريس مادة لكل ديانة بشكل يفرّق بين “محمد” و “جورج”، ويُشعِر من يترك صفّه بالاضطهاد، فمن الأفضل تدريس مادة الأخلاق العامّة، ويمكن إعطاء شواهد، من الكتب السماوية، تحضّ على قيم المحبة والتسامح والتعاون؛ أو، يمكن تدريس تاريخ علوم الأديان .
  • يمكن تدريس الفلسفة في سنّ مبكرة لتنمية الإدراك والمنطق وإعمال العقل والفكر النقديّ، لمعرفة تطوّر الفكر والفلسفة.
  • المناهج المدرسية كثيفة: لا المعلّم يستطيع التدرّب عليها وإكمالها ولا الطالب يستطيع الإحاطة بها. مثال: منهاج العلوم في البكالوريا العلمي! الأفضل هو تقليل هذه الكثافة لتعمّ الفائدة.
  • منهاج تعليم اللغة الفرنسية، جيد، لكنْ، يتمّ تدريسه بطريقة القصّ واللصق من دون فهم. ولا يُستفاد من القرص المدمج المرافق للكتاب، بسبب نقص الآلات السمعية في الصفوف. لذا من الضروري تفعيل استخدام المختبرات اللغوية لأجل التدريب على فهم اللغة وممارستها.
  • في امتحان مادة القراءة في التاسع وفي البكالوريا، تأتي أسئلة القراءة من دون نص! تختبر وزارة التربية مهارة الحفظ فقط. ومن المفترض وضع أسئلة متدرّجة الصعوبة على نص القراءة الموجود أمام أعين الطلاب الممتحنين، إلى أن ترتقي الأسئلة إلى سؤال استنتاجي متعلّق بموضوع النص، يميّز بين مستويات الطلاب في الفهم والمحاكمة.
  • لم تعد ثمة مهارة للكتابة باللغات الإنكليزية والفرنسية والعربية، بل هي مهارة حفظية للموضوع المفروض على التلاميذ من المعلّم! ولتجنّب ذلك، يجب تنمية مهارة التأليف والكتابة عند الطالب، ولهذا الأمر مناهج متاحة، كنّا نتدرّب عليها حين كنّا طلاباً.
  • مناهج البكالوريا كثيفة، ما يؤدي إلى اضطرار الطالب للدراسة التحضيرية خلال الصيف، ثم الدراسة في المدرسة شتاء، ثم الدروس الخصوصية، وأخيراً الجلسات الامتحانية قبل الامتحانات العامة. هذا إرهاق مادي ومعنوي للطلبة ولأهاليهم! إنْ كانت مناهج البكالوريا ستبقى بهذه الكثافة، فليكن ثمة فصلان: في الفصل الأول، دراسة ثم امتحان أول، بخمس مواد. وفي الفصل الثاني، دراسة وامتحان ثانٍ بالمواد الأربع المتبقية. ثم، إضافة أعمال الطالب في أثناء العام الدراسي لنتائج الامتحانين (يُستثنى من ذلك الطلاب الأحرار)؛ والحاصل النهائي، هو معدّل جمع النتائج الثلاث.
  • ولمَ لا تكون ثمة مواد إجبارية ومواد خيارية بدءاً من أول المرحلة الثانوية؟ بذلك نستطيع تحضير الطلبة لاختيار ما يميلون إليه، من أجل تحضيرهم للحياة الجامعية، فيبدعون في ما يحبّون من مواد اختاروها.
  • تخصيص مساحات للفنون في المدرسة، لتعلّم الموسيقى والتذوّق الموسيقي في المدارس، كذلك الأمر بالنسبة للفنون الجميلة، فهي تهذّب النفس وترتقي بالذوق العام، والتدريب في المسرح المدرسي على عرض مسرحيات عالمية من الطلاب، بإشراف مخرجين سوريين.
  • تفعيل وسائل الإيضاح التعليمية الرقمية، وتطوير مكتبة المدرسة لتشجيع الفضول العلمي، وتفعيل الرحلات العلمية والآثارية للاطلاع على أهمية الحضارات التي مرّتْ على سورية، وتنمية حسّ أهمية البيئة والجمال عند الطلاب.
  • تجهيز بيئة تعليمية في المدارس، وتغيير فلسفة الامتحانات والتقييم، وتدريب المعلّمين على الآليات الجديدة للتعليم، وسَبر رأي الطلاب في استبانات مُغفَلة الأسماء، لمعرفة احتياجاتهم ولتطوير أداء المعلّم.
  • تعليم نهج الحوار والتدريب على الإصغاء للرأي الآخر، بتمارين متاحة ومدروسة في مناهج أجنبية، يمكن الاستفادة منها وليس نقلها حرفياً، وذلك منذ الصف الأول الابتدائي.
  • تدريب التلاميذ على ممارسة الديمقراطية عَبرَ انتخاب ممثّلين لهم ينقلون رؤيتهم للمناهج واستفادتهم منها إلى الإدارة، من خلال تجربة “برلمان” الشبيبة في المدرسة: يمكن للطلبة، بإدارة مختصّ، مناقشة مناهج التدريس، من أجل تطويرها.
  • شكل مدارسنا العامة من الخارج كالسجون! يمكن تنظيفها وتجميلها برسم الطلبة على الجدران صيفاً، وبإشراف فنانين تشكيليين، لتصبح بيئة جاذبة للتعلّم.
  • التوسّع أفقياً في المباني المدرسية، فالاكتظاظ في الصفوف لا يمكنه السماح للمعلّم بتعليم جيد، ولا بتطبيق الطريقة التفاعلية.
  • مضاعفة رواتب المعلّمين لحفظ كرامتهم في المعيشة؛ وتنظيم دورات لهم على أساليب التعليم الحديثة لتطوير أدائهم.
  • استحداث كلّيات التعليم المهني، بشكل حديث، فيتخرّج الطالب الميكانيكي، مثلاً، قادراً على العمل في مجاله. وهذا سيفيد في إعادة الإعمار في البلد؛ كما يمكن للتعليم المهني جذب الطلاب المتسرّبين؛ فمعالجة التسرّب هي اجتماعية واقتصادية وتربوية، وتحتاج إلى تضافر جهود المجتمع وإلى تفعيل الوعي الأُسَري ودعم وزارتيْ التربية والشؤون الاجتماعية.
  • إنشاء مركز وطني مستقل للمناهج بإشراف اليونسكو وخبراء سوريين. ويمكن تطبيق نموذج المناهج المرنة الذي يمكن تكييفه حسب كل منطقة.
  • العمل على نشر مطبوعات من وزارة التربية تكون جذّابة وتثير الفضول الفطري لدى الأطفال، كالموسوعات العلمية والأطالس، على أن تكون هذه المطبوعات متاحة مجاناً في المدارس، ويمكن شراؤها واقتناؤها.
  • صندوق وطني لإعمار المدارس بتمويل من المغتربين والمنظمات.
  • جعل ترميم المراكز التعليمية أولوية قصوى، في أثناء إعادة الإعمار.
  • إلغاء امتحانات الشهادة الإعدادية، الصف التاسع مع إبقاء إلزامية التعليم حتى الصف التاسع، ومن ثم الحصول على تدريب مهني لمدة عامين على الأقل لمن لا يرغب أو لا يسمح له معدله بالاستمرار في التعليم الثانوي. التعليم المهني ما بعد الصف التاسع يكون على الشكل التالي: تعليم مهني صناعي، تجاري، إلكتروني، برمجة معلوماتية أو ما شابه ذلك. بعد الصف التاسع، يتمّ تقييم الطلاب من حيث المستوى والتوجيه إلى الاختصاص المناسب مع مراعاة الرغبة.
  • استحداث مادة التربية الدينية والاجتماعية، وهذه المادة يتمّ تدريسها حتى المرحلة الثانوية.
  • ضرورة الحصول على تقييم تربوي (بيداغوجي) من وزارة التعليم العالي لأداء وبرامج المدارس والمعاهد الدينية الخاصة بشكل منتظم. واستحداث كلّية الأديان والحضارات بدلاً من كلية الشريعة، لمن يرغب في التخصص الديني، ومنها يتمّ تخريج مدرّسي التربية الدينية والاجتماعية، وتكون الدراسة في هذه الكلّية لثلاث سنوات: يتمّ في السنة الأولى دراسة الأديان السماوية والمعتقدات كافة؛ في السنة الثانية والثالثة، يتمّ التخصص في دين أو معتقد معيّن، ومنها يتمّ تخريج أساتذة كلّية الأديان والحضارات وكذلك رجال الدين.

تعزيز المواطنة من خلال التعليم

المدرسة وحدة اجتماعية لها جوّها الخاص المُساعِد على تشكيل إحساس الطالب بفاعليته، وبتحديد نظرته تجاه البنية الاجتماعية. فهي تلعب دوراً حيوياً في عملية التنشئة السياسية عبر المناهج والنشاطات التي ينخرط فيها الطلاب. وهي تؤثّر في القيم الأخلاقية التي يؤمن بها الفرد.

وحين يكون المعلّم متمكّناً من مادته الدراسية ومتعمّقاً فيها، فإنه يكتسب قَدْراً كبيراً من احترام طلابه له، وتالياً، يسهل عليه التأثير عليهم فكرياً. وتختلف العلاقة في الفصل الدراسي بين المعلّم والطالب، من بيئة مدرسية إلى أخرى، فقد تكون ذات طبيعة سلطوية، أو يكون المعلّم ديمقراطياً، وهو الأفضل، فيتعامل مع الطلاب بنوع من الحرية، ويتركهم ليقوموا بالتعبير عن أفكارهم عبر نقاش مفيد، ما يساعد على نمو شخصياتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم.

اقتراحات لتعزيز المواطنة

يشيرُ مفهومُ المواطنة إلى العلاقة بين الشخص والدولة بموجب القانون؛ فتتمثّل العلاقة في الحقوق والواجبات الكاملة والمتساوية للأفراد، ويكون على الدولة حمايتهم من الخطر داخلها وخارجها، وتأمين العيش الكريم لهم، مقابل احترام الأفراد للقوانين، والالتزام بها، وتنفيذ ما عليهم من واجبات.

  • محاولة توظيف طاقة الشبيبة في أعمال تعود بالفائدة على المجتمع من أجل رفع روح الانتماء والمواطنة لدى أبنائه:

*زراعة الورود والشجيرات في حديقة المدرسة والحدائق العامة، وتسمية كل شجيرة أو وردة باسم الفتى أو الفتاة من مختلف المحافظات، الموجودين في المدن والأرياف؛ بذلك يستطيعان الاهتمام معاً بهذا الغراس والتشجير، والمشاركة في تعبيد الطرق وبرامج حماية البيئة. هدف العمل، تقريب الطلاب من المحافظات المختلفة إلى بعضهم بعضاً، وتنمية شعور الوحدة لديهم، حتى وإنْ كان مكان عيشهم مختلفاً عن مسقط رؤوسهم: فسورية واحدة.

*ترتيب المدارس قبل موعد العام الدراسي الجديد: تقوم الشبيبة بالرسم على جدران المدرسة لتكون أجمل وموحية بالفرح، وفي هذا تشجيع لحسّ الانتماء إلى المدرسة.

  • تدريب الشبيبة على الاستماع للموسيقى الراقية في إحدى صالات المدرسة المخصّصة للفنون، مرّة أو أكثر أسبوعياً، وجعلهم يعبّرون بالرسم عن شعورهم في أثناء الاستماع، ومناقشتهم بواسطة مشرفين فنيين وفنانين في معاني لوحاتهم؛ وتنظيم معرض لرسوماتهم يشرحون من خلاله ما أرادوا التعبير عنه في هذه اللوحات.
  • تنظيم ألعاب جماعية للشبيبة، مسليّة وتثقيفية، (بعض الفوضى المنظّمة مقبول هنا). مثال: كتابة كلمات متفرّقة على بطاقات من الورق المقوّى الملوّن، ونثرها على الأرض أو على طاولة كبيرة، والطلب من فريقين من المشاركين/ات تجميع البطاقات، ليتمّ ترتيبها أفقياً أو عمودياً لتعطي جملة مفيدة: مَثَلاً شعبياً أو قولاً مأثوراً.
  • عرض أفلام سينمائية ومسرحيات هادفة فيها الكثير من اللعب والتسلية، وتنظيم حفلات رقص، وتدريب على التمثيل، يجعل من المدرسة ملاذاً مسلّياً وتثقيفياً لأرواح الطلاب.
  • عرض أفلام سينمائية وثائقية فيها شيء من المتعة، ثم بعد الانتهاء من العرض، تجري إدارة نقاش عما استنتجت الشبيبة من أفكار ضمن هذه العروض السينمائية، وإدارة الحوار بشكل منظَّم فيه الكثير من التدريب على الإصغاء للآخر.
  • تنظيم عدة ساعات أسبوعية لممارسة الرياضة، للصغار والأهل، بمساعدة مدرّب متخصّص، لتنمية روح الفريق.
  • تنظيم جلسات عامة وجماعية للإرشاد والدعم النفسي، للأهل من نساء ورجال ولأطفالهم، الذين عاشوا سنوات المحنة السورية، وكل فئة على حدة. الفائدة من الشكل الجماعي هنا هو تشجيع النساء أو الرجال أو الأطفال على تفريغ مشاهداتهم من فظائع عاشوها أو عاشها جيرانهم في هذه المحنة، ومحاولة التخلّص من آثارها السيئة والمشوِّهة للروح. يساعد ذلك على إراحة الأهل، وخاصة الأم، لأنها ستجد نظائر كثيرة لمعاناتها، فتستطيع مساعدة أطفالها على التخلّص من تلك الآثار السيئة. وكما جرى في تجارب نجحت في العديد من الدول الخارجة من نزاعات مسلّحة، من الضروري تعزيز ودعم مراكز إعادة التأهيل للضحايا، وأن تكون هذه المراكز مدعومة وفق برامج منظمة الصحة العالمية والهيئات الأممية المختصة.
Scroll to Top