أحدث المنشورات
التصنيفات
كلمات مفتاحية
- Home
- أوراق الكتلة
التأسيس، المواقف النضالية، الواقع والمهام المُلِحّة
(القسم الثاني)
التأسيس
بدأ تشكيل النقابات في سورية في ظروف تصاعد الحركة الوطنية وبداية تصاعد نضال الكادحين جميعاً ضد البطالة والفقر وضعف الأجور.
وقد ساهمت مختلف القوى السياسية الوطنية في العمل النضالي، وكان للحزب الشيوعي دور هام في الانخراط المطلبي والعمل النضالي من ناحية تنظيم الإضرابات وتوجيهها، لانعدام وجود أي تشريع أو نظام يحمي الشغّيلة، في ظل الانتداب الفرنسي.
منذ العام 1923، تأسست أول نقابة للتبغ في بكفيّا، وقد أسّسها فؤاد الشمالي، وتبعتْها نقابات (الطباعة والسكك الحديدية والغزل والنسيج والخياطة والحلّاقين والحدادين والميكانيك.) وفي العام 1938، تمّ تأسيس الاتحاد العام لنقابات العمّال في سورية.
جرى كل ذلك من دون أي إذن أو ترخيص، ونتيجة للإضرابات والنضالات العمّالية على جبهتين:
أولاً– الجبهة الطبقية، وذلك من أجل تحسين ظروف العمل (ساعات العمل، الأجر…).
ثانياً– الجبهة النضالية الوطنية ضد الاحتلال والاستعمار.
– ساهم الاتحاد العام لنقابات العمّال في سورية بتأسيس الاتحاد العام لنقابات العمّال العالمي، 1945، كما ساهم في تأسيس اتحاد العمّال العرب، 1956.
– لم تكن النقابات تتقاضى أي مخصّصات من الدولة وجميع أموالها من المنتسبين إليها، وتوزّع الحصص لتغطية المصاريف والمشاريع العمّالية المقرّرة في مؤتمراتها: (كالمشاريع الصحية والخدمية والسياحية وصناديق المساعدة …).
المواقف النضالية للنقابات
– في العام 1956 وإبان العدوان الثلاثي على مصر، نُظِّم إضراب في سورية لإيقاف ضخ النفط إلى مرفأ طرطوس، وهدّد العمّال السوريون بنسف أنابيب النفط.
– في العام 1957، تجلّت وحدة الطبقة العاملة ضد المشروع الرباعي للأمريكان والإنكليز والفرنسيين والأتراك لجعل لواء اسكندرون (أنطاكية واسكندرونة) مركزاً للقيادة في الشرق الأوسط، وقد اعتمد على مبدأ أيزنهاور ونظريته في ملء الفراغ.
– في العامين 1966-1967 ، رُفِع شعار استثمار النفط وطنياً في مواجهة شركة نفط العراق التي كانت واجهة للضغط الاستعماري على سورية.
– في العام 1973، تمّ إنجاز بناء سد الفرات، إذ بُذِلَت جهود كبيرة من عشرات الآلاف من العاملين في السد ومن مختلف الاتجاهات الحزبية والسياسية ومن مختلف المحافظات، وما رافق ذلك من إنجازات أخرى.
– تمثّلت العلاقة بين النقابات والحكومة، ما قبل العام 1972، بنضالها المطلبي لتحصيل مكتسبات للعمال ولصياغة القوانين الخاصة بهم. وفي العام 1972، ومع تأسيس الجبهة الوطنية التقدمية، اعتُبِر اتحاد نقابات العمال عضواً أساسياً فيها، وتالياً، كان له تمثيله الرسمي الدستوري والقانوني في مجلس الشعب وفي اللجنة الاقتصادية وفي مجالس إدارة الشركات والمؤسسات (ما أوحى بأنه أحد ممثّلي الدولة الوطنية على الرغم من أسبقيته لوجودها)؛ ولقد ساهم العمّال في بناء الدولة واستقرارها بالتزامهم بتقديم وتصنيع مقوّمات الحياة المعيشية والخدمية.
ويكمن دور النقابات في تنظيم العمّال وتوعيتهم للدفاع عن الحقوق المكتسبة وزيادتها والدفاع عن الوطن.
في الترشيحات والانتخابات النقابية
(وينظّمها قانون التنظيم النقابي رقم 84 الصادر منذ العام 1968.)
“تتوزّع النقابات العمّالية على اتحادات مهنية، ممثَّلة في ما يقابلها عربياً وعالمياً بـِ (الغزل، النفط، الكهرباء، الغذائية، البناء، الطباعة، الخدمات العامة…)”.
“النقابات، تجمّع كفاحي طبقي وطني وطوعي يجمع بين جنباته كافة العاملين بأجر من أطياف المجتمع. وهو تجمّع مستقلّ مالياً، وتكمن استقلالية العمل النقابي في قراراته المنسجمة مع خدمة المنتسبين إليه”.
تقييد العمل النقابي وانعكاساته على قوّة الفعل والتأثير للنقابات
تلقّت الحركة النقابية في سورية أقسى ضربة في تاريخها بعد الاستقلال في القرارات التعسّفية التي تعرّضت لها في ذروة المواجهة المسلّحة بين الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين والسلطات السورية بين الأعوام 1978-1982. فبعد قرار النقابات المهنية بتنظيم إضراب اليوم الواحد في 31 مارس/آذار 1980 للمطالبة برفع حالة الطوارئ واحترام الحرّيات الأساسية، وبعد نجاح هذا الإضراب السلمي في عموم البلاد، شنّت أجهزة الأمن حملة اعتقالات واسعة شملت القيادات النقابية المهنية المنتخبة وعدداً هاماً من الناشطين في نقابات العمال في دمشق وحلب. تجاوز عدد المعتقلين من مختلف النقابات، الألفي معتقل ومعتقلة، أمضى قرابة نصف عددهم في السجن، من 10 إلى 12 سنة، من دون محاكمة أو مذكّرة اتهام. بعد ذلك صدرت قرارات رئاسية تمنح رئيس الجمهورية الحق في تعيين قادة النقابات كافّة، وأُعطيَت صلاحيات واسعة للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في التدخّل في عمل وفي برنامج “المنظّمات الشعبية”.
الواقع والمهام المُلِحّة
في العام 2005، في ما بعد الخطة الخمسية العاشرة، توضّح التوجّه نحو الليبرالية الجديدة، الذي أدخل تغيّرات عميقة على بنية الاقتصاد الوطني، فتمّ دعم قطاعَيْ المال والتجارة، وجرى الانفتاح على الخارج وإهمال الصناعة والزراعة والخدمات الشعبية، كحصيلة لهذه السياسات، بما تضمّنتْه من انتشار للفساد، ومن غياب وتعطيل لدور المؤسسات، وغياب للمواقف النقابية الحازمة. على الرغم من كل ذلك، لم تخلُ المجالس النقابية من أصوات لنقابيين شرفاء، ربطت الصمود الوطني بالحفاظ على حقوق العاملين والعاملات والدفاع عنهم؛ وكنتيجة لهيمنة السلطة واستئثارها بها، أُزيحت النقابات وحُصِر دورها في المنابر الخارجية على حساب أوضاع العاملين المزرية، بما آلت إليه الرواتب والأجور، وبما زاد من البؤس الذي عانى منه العاملون.
تفاقَمَ الوضع العمّالي والنقابي سوءاً منذ 8/12/2024، فقد بادرت حكومة الأمر الواقع، التي انتقلت من إدلب إلى دمشق للسيطرة على ما تبقّى من هياكل نقابية مقرّرة، إلى حظر الأحزاب السياسية والاتحادات والمنظّمات، وبعد ذلك قامت بتسريح وإقالة آلاف العمّال بأشكال مختلفة ورميهم على قارعة الطريق، من دون أي مسوّغ قانوني.
في إطار توجّهنا في الكتلة الوطنية السورية لتفعيل دور النقابات، لا بُدّ من:
- التأكيد على الحرّيات النقابية وحق العمل والتنظيم في كل القطاعات والمهن.
- ممارسة كافّة أشكال النضال النقابي وممارسة حق التظاهر، وهذا ما يساهم في الحفاظ على المكتسبات وزيادتها.
- إطلاق المؤتمرات الانتخابية الديمقراطية من القاعدة إلى القمّة.
1 فكرة عن “لمحة تاريخية عن النقابات العمّالية”
شكرا لهذا الإيجاذ التوضيحي للحركة النقابية و العمالية. و لكن اعتقد أنه يستحق وضع دراسة طويلة و معمقة و قد تحتاج عدة كتب و كراريس لما مرت به الحركة العمالية و النقالبة في سوريا.
اليوم نرى أن سلطة الأمر الواقع قد سيطرت أيضا على النقابات و عينت قادتها و مجالسها المركزية. من دون إرادة عمالية حقيقية. وهذا ما يستوجب النضال مجددا في آطار حرية الحركة العمالية و النقابية من اية سيطرة للسلطات و الجاهت التنفيذية. و إلا إن كانت متماهية مع السلطة ( تلك القيادات) كيف ستدافع عن حقوق العمال و مكتسباتهم؟!